علي شريعتي مفكرٌ أم منحرفٌ ((2))

ساخت وبلاگ

علي شريعتي مفكرٌ أم منحرفٌ ((2))

 

علي شريعتي مفكرٌ أم منحرفٌ ((2))

 


علي شريعتي مفكرٌ أم منحرفٌ ((2))
 علي شريعتي يوافق العامة في تفسير عبس وتولى فيقول :


ذات يوم وقف الوليد بن المغيرة مع الرسول يكلمه وقد طمع في إسلامه فينا هو في ذلك إذ مر به ابن أم مكتوم الأعمى فكلم رسول الله وجعل يستقرئه القرآن فشقّ ذلك منه على رسول الله حتى أضجره وذلك أنه شغله عما كان فيه من أمر الوليد وما طمع فيه من إسلامه فلما أكثر عليه انصرف عنه عابساً وتركه فأنزل الله تعالى عليه فيه :(( عبس وتولى ..)) لقد آلم محمداً هذا العتاب الشديد كثيراً وسرعان ما وثب من مكانه ليبحث عن صاحبه الأعمى حتى وجده واعتذر منه ولم ينسى محمد هذه ((القصة ــ العبرة )) أبداً وراح يتذكرها على الدوام وصار يكن احتراماً فائقاً لابن مكتوم حتى خلفه على المدينة بدلاً عنه (1).
 وقال في كتاب التشيع العلوي والتشيع الصفوي : قرآنه الذي وبّخ فيه نبيّه العزيز، لا لشيء إلاّ لمجرد أنه عبس في وجهه الأعمى.(2)
 وهذا التفسير والقول يأبى القرآن الكريم من قبوله حيث وصف الله تعالى نبيه الكريم في سورة ((القلم)) : ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ .
إن هذه السورة نزلت قبل سورة ((عبس وتولى)) وقد وصفت النبي ((صلى الله عليه وآله)) بأنه على خلق عظيم فكيف يصدر عنه هذا الأمر المنافي للأخلاق والموجب للعتاب واللوم منه تعالى لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) فهل كان الله ـ والعياذ بالله ـ جاهلاً بحقيقة أخلاق نبيه!
ولقد نزلت آية الإنذار:((وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)) قبل سورة عبس بسنتين فهل نسي الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ذلك! وإذا كان نسي فما الذي يؤمننا من أن لا يكون قد نسي غير ذلك أيضا !
وقال تعالى ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ...﴾ ومن الواضح أن العبوس يتناسب مع الفظاظة والغلظة ولا يتناسب مع اللين .
 وقد وصف الله تعالى نبيه الكريم بأنه ((بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)) فكيف ينسجم هذا الوصف مع عبوسة الوجه ! وخصوصاً إذا كان المؤمن أعمى إذ أن شأنه يستوجب المزيد من الرأفة والرحمة وعلى حد تعبير صاحب الميزان : إذا كان أعمى فاقداً للبصر وكانت حاجته في دينه دعته إلى السعي فيها خشية الله كان من الحري أن يرحم ويخص بمزيد الإقبال والتعطف لا أن ينقبض ويعرض عنه(3).
 وقد نفى الله تعالى عن نبيه العظيم الفظاظة والغلظة حيث قال : ((وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)) فكيف يعبس في وجه الأعمى المسكين ويكون معه فظاً وغليظاً
كما أن الحديث الشريف لا يرتضي هكذا قول في حق النبي ((صلى الله عليه وآله)) فقد روي عن الإمام الصادق ((عليه السلام)) : أنها نزلت في رجل من بني أمية كان عند النبي ((صلى الله عليه وآله)) فجاء ابن أم مكتوم فلما رآه تقذر منه ، وجمع نفسه وعبس وأعرض بوجهه عنه ، فحكى الله سبحانه ذلك وأنكره عليه(4).
وعن الصادق ((عليه السلام)) قال : إن رسول الله كان إذا رأى ابن مكتوم وهو الرجل الأعمى الذي وفد على النبي يقول : (مرحباً مرحباً ، لا والله لا يعاتبني الله فيك أبدا)(5).
 وكان يريد ((صلى الله عليه وآله)) بذلك التعريض بمن صدر منه ذلك في حق ابن أم مكتوم كأنّه يقول له : والله أنا لا أعاملك كما عاملك فلان .
 وفي تفسير القمي : نزلت في عثمان وابن أم مكتوم وكان ابن أم مكتوم مؤذنا لرسول الله ((صلى الله عليه وآله)) وكان أعمى وجاء إلى رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) وعنده أصحابه وعثمان عنده ، فقدمه ((رسول الله صلى الله عليه وآله)) عليه فعبس وجهه وتولى عنه فانزل الله عبس وتولى يعني عثمان أن جاءه الأعمى(6).
والسيد المرتضى ((رحمه الله)) له كلامٌ لطيفٌ في المقام حيث قال: أما ظاهر الآية فغير دال على توجهها إلى النبي ((صلى الله عليه وآله)) ولا فيها ما يدل على أنها خطاب له بل هي خبر محض لم يصرح بالمخبر عنه ، وفيها ما يدل عند التأمل على أن المعني بها غير النبي ((صلى الله عليه وآله)) لأنه وصفه بالعبوس، وليس هذا من صفات ((النبي صلى الله عليه وآله)) في قرآن ولا خبر مع الأعداء المنابذين فضلاً عن المؤمنين المسترشدين(7).
 والشيخ الطوسي ((رحمه الله) قال : في تفسير الآية ــ عبس وتولى)) بالنبي : هذا فاسدٌ لأن النبي ((صلى الله عليه وآله)) قد أجل الله قدره عن هذه الصفات وكيف يصفه بالعبوس والتقطيب وقد وصفه بأنه )) : وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)) وقال : (( وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)) .
وكيف يعرض عمن تقدم وصفه مع قوله تعالى ((وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ)) ومن عرف النبي ((صلى الله عليه وآله)) وحسن أخلاقه وما خصه الله تعالى به من مكارم الأخلاق وحسن الصحبة حتى قيل انه لم يصافح أحداً قط فينزع يده من يده حتى يكون ذلك الذي ينزع يده من يده ، فمن هذه صفته كيف يقطب في وجه أعمى جاء يطلب السلام ، على أن الأنبياء منزهون عن مثل هذه الأخلاق وعما هو دونها لما في ذلك من التنفير عن قبول قولهم والإصغاء إلى دعائهم ، ولا يجوز مثل هذا على الأنبياء من عرف مقدارهم وتبين نعتهم (8) .
بعد عدم صراحة هذه الآيات في النبي ((صلى الله عليه وآله)) وإمكان صرفها عنه ولما في هذا الانصراف من روايتين تأيده ــ وأن كان يصعب إثباتهما من جهة السند إلا أنه لا يمكن تجاهلهما لإمكان صحة صدورها ولما في عدم التجاهل من محذور ــ كان هو الأولى بل المتعين .
 ومن ثم لماذا هذا الإصرار على نزولها في النبي ((صلى الله عليه وآله)) ؟!
 الجواب أن أغلب مفسرين العامة ــ إذا لم يكن كلهم ــ ذهبوا لهذا التفسير لبعدهم عن العين الصافية في معرفة القرآن وأخذوا من كل من هب ودب وقد سرى هذا التفسير إلى بعض أتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام))
أما بالنسبة إلى علي شريعتي فلا فرق عنده من أن يأخذ من أتباع مدرسة أهل البيت((عليهم السلام)) أو أن يأخذ ممن خالفهم كما قد جرت سيرته وعادته في كتبه والمؤاخذ عليه هنا أنه وافق قول المخالفين ــ أو أغلبهم ـــ في تفسير الآية والذي يستلزم القدح والتنقيص برسول الله ((صلى الله عليه وآله )) وترك القول السائد عند مدرسة أهل البيت ((عليهم السلام))
 ورد عن أمير المؤمنين ((عليه السلام)) : (( يا كميل لا تأخذ إلا عنا تكن منا ))(9)
وعن علي بن سويد النسائي قال كتب إلي أبو الحسن الأول وهو في السجن ، وأما ما ذكرت يا علي ممن تأخذ معالم دينك : لا تأخذنّ معالم دينك عن غير شيعتنا فإنك إن تعديتهم أخذت دينك عن الخائنين الذين خانوا الله ورسوله وخانوا أماناتهم ، إنهم اؤتمنوا على كتاب الله جل وعلا فحرفوه وبدلوه فعليهم لعنة الله ولعنة رسوله ولعنة ملائكته ولعنة آبائي الكرام البررة ولعنتي ولعنة شيعتي إلى يوم القيمة(10).
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 1ــ معرفة الإسلام ص377 ــ378.
2ــ ص271
 3ــ تفسير الميزان ج20،ص110
 4ــ مجمع البيان ج10، ص 437 . تفسير البرهان ج4 ، ص 428 . تفسير نور الثقلين ج5 ، ص509 .
 5ــ مجمع البيان ج10 ص 43 . تفسير نور الثقلين ج5 ، ص509) .
 6ــ ص 406
 7ــ تنزيه الأنبياء ، ص166.
 8ــ التبيان ج10،ص260
 9ــ تحف العقول ، ص172.
 10ــ رجال الكشي ص9.

 

الشیخ هشام کاظم

 

المصدر:

‏علي شريعتي مفكرٌ أم منحرفٌ‏

https://www.facebook.com/groups/1200401219983735

 

 

رجال الأدعیاء...
ما را در سایت رجال الأدعیاء دنبال می کنید

برچسب : نویسنده : al-enherafa بازدید : 162 تاريخ : يکشنبه 25 مهر 1395 ساعت: 9:48